#قوافل_العارفين ☪️
( ثُلَّةٞ مِّنَ اَ۬لَاوَّلِينَ (15) وَ قَلِيلٞ مِّنَ اَ۬لَاخِرِينَ (16) )
■ إذا قال السالك: "لا أرى شيئًا غير الله"، فهو في حال وَحدة شهود. و إذا قال: "لا أرى شيئًا إلا و أرى الله فيه"، فهو في حال وَحدة وجود. فحال وحدة الشهود هي حال الفَناء؛ و حال وحدة الوجود هي حال البقاء. والفناء والبقاء متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ وكذلك وحدة الشهود ووحدة الوجود: فإذا كنتَ فانيًا عن شيء، فأنت لا بدَّ باقٍ بغيره؛ أو إذا كنتَ باقيًا في شيء فأنت، لا محالة، فانٍ عن سواه. وهذا أمر طبيعي، بما أن الإنسان عاجز عن جمع همَّته، أو تسليط انتباهه على أكثر من موضوع واحد في نفس اللحظة. هذه الورقة التي أكتب عليها، إن فكرت فيها (طولها، عرضها، لونها، إلخ)، تعذَّر عليَّ أن أكتب عليها؛ وإن فكرت في الكتابة أو فيما أكتب، تعذَّر عليَّ التفكير في الورقة. في الحالة الأولى، يقال : أنا باقٍ بالورقة، فانٍ عن الكتابة؛ وفي الحالة الثانية، يقال: أنا فانٍ عن الورقة، باقٍ بالكتابة.
يقول ابن عجيبة:
إن الفناء هو أن تبدو لك العظمة، فتنسيك كلَّ شيء، وتغيِّبك عن كلِّ شيء، سوى الواحد الذي "ليس كمثله شيء"، وليس معه شيء. أو تقول: هو شهود حقٍّ بلا خلق، كما أن البقاء هو شهود خلق بحق... فمن عرف الحقَّ شهده في كلِّ شيء، ولم يرَ معه شيئًا، لنفوذ بصيرته من شهود عالم الأشباح إلى شهود عالم الأرواح، ومن شهود عالم المُلك إلى شهود فضاء الملكوت. ومن فَنِيَ به وانجذب إلى حضرته غاب في شهود نوره عن كلِّ شيء ولم يُثبِتْ مع الله شيئًا.
ما يهمنا، فيما نحن في صدده من قول ابن عجيبة، قولُه: "[الفَناء] هو شهود حقٍّ بلا خلق، كما أن البقاء هو شهود خلق بحق...". بعبارة أخرى، إن الفناء، أو وحدة الشهود، امتصاص التجلِّيات في مبدئها – المبدأ يمتص تجلِّياته و"يشفطها" – أو هو اختزال الدائرة في نقطة المركز؛ بينما البقاء هو شيوع المبدأ في تجلِّياته، أو هو انزياح نقطة المركز في الدائرة. في الحالة الأولى، يغيب الخلق في الحق؛ وفي الثانية، يتجلَّى الحقُّ في الخلق ، وهكذا يكون السالك فانيا عن نفسه باقيا بربه.
يصحب شيخًا عارفَ المسالك *** يَقيه في طريقه المهالكَ
يُذكّره اللهَ إذا رآه *** و يوصل العبد إلى مولاه
يحاسب النفس على الأنفاس *** و يزن الخاطر بالقسطاس
يحفظ المفروضَ رأس المال *** و التنفّل ربحُه به يوالي
و يكثر الذكر يصفو به *** و العون في جميع ذا بربه
يجاهد النفس لرب العالمين *** و يتحلّى بمقامات اليقين
يصير عند ذلك عارفاً به *** حرّاً و غيرُه خلا من قلبه
فحبّه الإلهُ و اصطفاه *** لحضرة القدّوس و اجتباه
🌹 اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا םבםנ عبدك و رسولك النبي الأمّيّ ﷺ و على آله و صحبه 🌹
و الحمد لله رب العالمين 🕋
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق